قبل أن ننتقل إلى الحديث عن شروط العمرة عن الميت من الضروري أن نفهم أولاً معنى العمرة وأهميتها في حياة المسلم، فالعمرة هي عبادة روحية وعملية يجتمع فيها القلب بالجوارح، ينتقل فيها المسلم من مكانه إلى الأرض المقدسة في مكة المكرمة، سعياً للتقرب إلى الله تعالى وأداء مناسك تعبّدية عظيمة.
ولا تكون هذه الرحلة مقبولة عند الله عز وجل إلا إذا كان القصد منها خالصًا لوجهه الكريم، بعيدًا عن الرياء أو تحقيق مصلحة دنيوية، بل ابتغاء مرضاته ونيل الثواب في الدنيا والآخرة. وتعد العمرة من العبادات التي تتطلب من المسلم الاتباع الدقيق لهدي النبي محمد ﷺ في القول والفعل.
الشروط التي يجب توفرها في المعتمر
لأداء العمرة عن الميت أو عن أي شخص آخر، لا بد من توافر مجموعة من الشروط الأساسية فيمن يؤديها، ومن أهم شروط العمرة عن الميت ما يلي:
- أن يكون المعتمر مسلم، فالعمرة عبادة لا تقبل من غير المسلم، لأنها من العبادات التي اختص الله بها المسلمين دون سواهم.
- أن يكون عاقل، يشترط أن يكون المعتمر شخص عاقل، لأن غير العاقل لا يُكلف بأداء العبادات، ولا يستطيع التمييز بين الفعل الصحيح والخطأ.
- أن يكون بالغ، لا يطلب أداء العمرة من غير البالغ لعدم تحقق التكليف الشرعي عليه.
- أن يكون حر، أي لا يكون مملوكًا أو مقيد الإرادة بل يملك حرية قراره واختياره.
- سلامة الطريق، يجب أن يكون طريق السفر لأداء العمرة آمن وخالي من المخاطر التي قد تهدد حياة المعتمر أو تُعيقه.
- القدرة الجسدية والمالية، لا بد أن يمتلك المعتمر القوة البدنية التي تمكنه من أداء المناسك، بالإضافة إلى القدرة المالية التي تتيح له تغطية تكاليف السفر والإقامة.
أما بالنسبة للمرأة، فإضافة إلى الشروط السابقة التي يجب أن تتوفر فيمن يؤدي العمرة عن الميت، فإن عليها الالتزام بشروط خاصة، وهي: أن تكون بصحبة محرم شرعي يرافقها في السفر لأداء العمرة، كما يُشترط ألا تكون في فترة العدة، سواء كانت عدة طلاق أو وفاة، إذ لا يجوز لها الخروج لأداء العمرة خلال هذه الفترة.
تابع ايضا: الحج والعمرة
كيفية أداء العمرة لشخص ميت؟
يعد أداء العمرة عن الميت أو العاجز من الأمور الجائزة شرعًا، ويجوز القيام بمناسكها تمامًا كما في الحج، وتتم الخطوات على النحو التالي:
- ينبغي أولاً لمن يعتمر عن الميت أو العاجز أن يكون قد اعتمر عن نفسه من قبل، فإن كانت هذه عمرته الأولى يجب أن يؤديها عن نفسه أولاً، ويحرم من الميقات الخاص ببلده ثم يتحلل من الإحرام، ويخرج بعد ذلك خارج حدود الحرم المكي ليحرم من جديد.
- بعد الإحرام الثاني يعقد النية عن الشخص الميت الذي يرغب في أداء العمرة عنه، فيقول: “اللهم لبيك عمرة عن فلان”، مع العلم أن النية بالقلب تكفي.
- أما إن لم تكن هذه عمرته الأولى فيحرم مباشرة من الميقات الخاص ببلده ويقول: “اللهم لبيك عمرة عن فلان”.
- يتوجه المعتمر إلى الحجر الأسود ويحاول تقبيله إن تيسر له ذلك دون التسبب في أذى للآخرين.
- يطوف بالكعبة سبعة أشواط، كما يفعل المعتمر عن نفسه.
- بعد الطواف يقصد مقام إبراهيم عليه السلام ويصلي ركعتين خلفه، أو في أي موضع داخل الحرم.
- يخرج إلى الصفا، ويبدأ بالأذكار الشرعية وتلاوة الآيات القرآنية الخاصة بالمقام.
- ينزل من الصفا باتجاه المروة، ويؤدي السعي سبعة أشواط بين الصفا والمروة.
- بعد إتمام السعي يتحلل من الإحرام، وبهذا يكون قد أتم العمرة عن الشخص المتوفى أو العاجز وفق شروط العمرة عن الميت.
ما هو أجر العمرة؟
على سبيل التذكير فإن أداء العمرة سواء عن النفس أو عن الميت يحمل فضلاً عظيم، وقد وردت في ذلك العديد من الأحاديث النبوية الشريفة التي توضح هذا الفضل، ومنها ما يدل على أن العمرة سبب في تكفير الذنوب ووسيلة من وسائل إزالة الفقر.
وهذا الفضل يشمل كل من التزم بأداء العمرة وفق الشروط الصحيحة، بما في ذلك الالتزام بـ شروط العمرة عن الميت عند أدائها نيابة عن غيره.