علاقة الإنسان بالبيئة في الإسلام علاقة متجذرة في روح الشريعة ومقاصدها، حيث ينظر الإسلام إلى البيئة بوصفها أمانة أودعها الله في يد الإنسان ليعمرها ويحافظ على توازنها، فالهواء والماء والأرض والكائنات جميعًا نِعم يجب شكرها وصونها، لا موارد تستنزف بلا وعي.
ومن خلال التعاليم القرآنية والسنة النبوية تتجلى صورة الإنسان كخليفة في الأرض، مسؤول عن إعمارها لا إفسادها في إطار علاقة تقوم على الرحمة والعدل والتوازن مع كل عناصر الكون.
مفهوم البيئة
علاقة الإنسان بالبيئة في الإسلام تمثل مبدأً راسخًا يعكس عمق التوجيهات الربانية للحفاظ على الأرض ومكوناتها، حيث جعل الإسلام إعمار الكون ورعاية موارده أمانة في عنق كل فرد لا مجرد خيار.
فالبيئة ليست مجرد إطار مادي نعيش فيه بل هي نعمة إلهية تحيط بنا بالماء والهواء والتربة والكائنات الحية، وكلها مترابطة في منظومة دقيقة أبدعها الخالق، ومن هنا جاء التشريع الإسلامي ليضع قواعد واضحة تحمي الطبيعة من الإفساد وتدعو إلى ترشيد استخدامها وتحذر من أي تعد يضر بها أو يخل بتوازنها، مما يجعل المحافظة على البيئة عبادة وواجبًا في آن واحد.
حيث حذر النبي ﷺ تحذير صريح من الأخطار الصحية والأوبئة التي قد تصيب الإنسان نتيجة التبول في المياه الراكدة التي لا تجري ولا تتحرك مثل مياه الأنهار ثم استخدامها بعد ذلك في الاغتسال أو الاستحمام، ويظهر من هذا التوجيه النبوي البليغ أن تعاليم الإسلام وضعت أسسًا واضحة لحماية البيئة وصون صحة الأفراد والمجتمعات، من خلال الوقاية من مصادر التلوث والحفاظ على موارد المياه نقية وصالحة للاستخدام.
تابع ايضا: حياة النبي والصحابة
علاقة الإنسان بالبيئة في الإسلام
- علاقة الإنسان بالبيئة من ناحية حمايتها
تعد علاقة الإنسان بالبيئة في الإسلام علاقة أمانة ومسؤولية، إذ جعل الشرع الحنيف المحافظة على البيئة واجب شرعي قبل أن يكون واجب إنساني، مما يقتضي صونها من كل ما يسبب تلوثها أو إفسادها أو تعريضها للأذى.
وقد خلق الله تعالى الكون بنظام دقيق وتوازن محكم فلا يطغى عنصر على آخر، كما قال سبحانه: ﴿وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ﴾، ومن الواجب على الإنسان الحفاظ على نظافة الهواء، وسلامة الماء والأرض، وحماية جميع المخلوقات، امتثالاً لأمر الله تعالى في قوله: ﴿وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا﴾، تأكيدًا على أن الإسلام دين يدعو إلى حماية البيئة وإعمارها لا إلى الإضرار بها.
- علاقة الإنسان بالبيئة من ناحية تلوثها
الإنسان هو الركيزة الأساسية والحيوية في منظومة البيئة، وقد ميزه الله تعالى ورفعه على كثير من مخلوقاته التي تحيط به في بيئته، فالبيئة بأكملها من مياه وهواء وأرض ونباتات وحيوانات خلقت لخدمة الإنسان، وقد وكل الله إليه مسؤولية الحفاظ عليها وعدم الإضرار بها.
وأكد الله تعالى في كتابه العزيز على تأثير الإنسان الكبير في حدوث الفساد البيئي، حيث قال: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ﴾ مما يدل على مدى قدرة الإنسان على الإفساد إذا لم يتحل بالوعي والمسؤولية، ومنذ بدايات وجوده على هذه الأرض استند الإنسان في توفير حاجاته الأساسية مثل الغذاء والشراب والملبس والمسكن إلى موارد البيئة التي أكرمه الله بها.
فبدأ بجمع الثمار وصيد الحشرات والطيور ثم اكتشف النار واستخدمها لأغراض بسيطة كالتدفئة والطهي، وبالرغم من أن استخدام النار كان محدود في بداية الأمر إلا أن تزايد عدد البشر وتوسع أنشطتهم أديا إلى زيادة الضغط على الموارد الطبيعية، وتفاقم التلوث البيئي.
ولذلك فإن علاقة الإنسان بالبيئة في الإسلام تلقي الضوء على أهمية الحفاظ على هذه النعمة وحمايتها من كل ما يهدد استدامتها وصحة البشرية.