من بين أركان الكعبة المشرفة يلفت النظر حجر مختلف في لونه ومكانته، ويقف عنده الطائفون وتتجه إليه الأنظار وترفع عنده الدعوات، لكن يبقى السؤال الذي حير الكثيرين: من أين جاء الحجر الأسود؟ رحلته لم تبدأ في مكة بل من مكان أعظم وأطهر، فهل أنت مستعد لاكتشاف السر؟
أصل الحجر الأسود ومصدره
يعد الحجر الأسود من أعظم شعائر الإسلام وأشرفها ويرتبط ارتباط وثيق بتاريخ الكعبة المشرفة، أما عن من أين جاء الحجر الأسود وماهو أصله؟ فقد ثبت في الأحاديث النبوية أنه نزل من الجنة وكان في بدايته شديد البياض يفوق بياض اللبن، لكنه اسود بسبب خطايا بني آدم، كما جاء في الحديث الشريف: “نزل الحجرُ الأسودُ مِن الجنةِ، وهو أشدُّ بياضًا مِن اللبنِ، فسوَّدَتْه خطايا بني آدمَ”
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الحجر الأسود أُنزل إلى الأرض مع سيدنا آدم عليه السلام، مما يدل على قدم قدسيته، ونظرًا لأن الكعبة كانت مقصد للأنبياء في العصور السابقة، يستفاد من ذلك أن الحجر الأسود كان محل تعظيم وتقديس منذ أزمان بعيدة.
مواصفات الحجر الأسود
يعد الحجر الأسود أعظم الأحجار مكانة في الإسلام وأشرف موضع يستلم من الكعبة المشرفة، حيث يتجه إليه المسلمون بالطواف ويشرع لهم تقبيله أو الإشارة إليه تعظيمًا لشعائر الله، ويوجد الحجر الأسود في الزاوية الجنوبية الشرقية من الكعبة، وتحديدًا في الركن الشرقي المقابل للركن اليماني، ويرتفع عن سطح الأرض بحوالي متر ونصف.
في الوقت الحاضر لا يظهر من الحجر الأسود إلا ثماني قطع صغيرة متفاوتة في الحجم، أكبرها بحجم حبة تمر، بينما يبلغ عدد قطعه الأصلية نحو خمس عشرة قطعة، وما يرى منها للمستلم محاط بمعجون أسود، ويضاف إليه مزيج من المسك والعنبر لتعطيره، ويقال إن طوله الكامل يساوي تقريبًا طول ذراع.
أما من أين جاء الحجر الأسود فقد ثبت في الحديث أنه نزل من الجنة، مما يضفي عليه قدسية خاصة لا تضاهى، ويجعل منه موضع استثنائي في شعائر الحج والعمرة.
أهمية الحجر الأسود
كما سبق وذكرنا أن أصل الحجر الأسود يعود إلى الجنة، كما ورد في عدد من الأحاديث النبوية الصحيحة؛ فقد أنزل إلى الأرض ناصع البياض أشد بياضًا من اللبن، لكنه تغير واسودّ بسبب خطايا بني آدم. وتعد هذه الرواية أحد الأجوبة الواضحة على السؤال المتكرر: من أين جاء الحجر الأسود؟ إذ تؤكد مكانته السماوية وعلاقته العميقة بتاريخ العبادة منذ عهد آدم عليه السلام، ومرورًا بالأنبياء الذين حجوا إلى هذا البيت العتيق.
أما عن أهمية الحجر الأسود فيتميز الحجر الأسود بعدد من الفضائل التي تجعله موضع اهتمامٍ كبير لدى المسلمين، ومن أبرز هذه الفضائل أنه يشهد يوم القيامة لمن استلمه بصدق وإخلاص، وقد ثبت في السنة أن استلامه أو تقبيله يعد من الأعمال التي تُكفر الذنوب، فقد قال النبي ﷺ: “إنَّ مسحَهما كفارةٌ للخطايا”، في إشارة إلى الحجر الأسود والركن اليماني.
ويعد استلام الحجر الأسود أول ما يباشر به الحاج أو المعتمر عند بدء الطواف حول الكعبة، فإن استطاع تقبيله فعل وإن لم يستطع أشار إليه بيده اقتداء بسنة النبي ﷺ، كما أن الطواف نفسه يبدأ من عند الحجر الأسود وينتهي إليه، وهو ما يدل على مكانته الخاصة في شعائر العمرة والحج.
ومن المهم التنويه إلى أن تقبيل الحجر الأسود إنما هو من باب اتباع النبي ﷺ، لا من باب الاعتقاد بأنه ينفع أو يضر.