واجبات العمرة تمثل الركائز الأساسية التي يقوم عليها أداء هذه الشعيرة المباركة، فهي الضمان لتحقيق القبول والامتثال لما أمر الله به ورسوله ﷺ، إن معرفة واجبات العمرة ليست أمر ثانوي بل هي خطوة جوهرية لكل من يخطط لأداء هذه العبادة العظيمة، حتى يؤديها على الوجه الصحيح وينال أجرها كاملًا. وعندما يدرك المسلم هذه الواجبات ويلتزم بها فإنه يجمع بين صحة العمل وكمال الأجر مما يجعل رحلته الإيمانية عامرة بالسكينة والطمأنينة.
واجبات العمرة
للعمرة أركان وواجبات وسنن متعددة، ويمكن تلخيص واجبات العمرة في ثلاثة أمور رئيسية، وهي: الإحرام من الميقات، وتجرد الرجال من المخيط، ثم التحلل بالحلق أو التقصير، وفيما يلي شرح هذه الواجبات بتفصيل أوضح:
- الإحرام من الميقات
الإحرام من الميقات أمر واجب ولا يجوز تجاوزه دون الدخول في النسك، ومن فعل ذلك وجب عليه الرجوع للإحرام منه، فإن لم يرجع فعليه دم، فـ كان النبي ﷺ وأصحابه يبدؤون إحرامهم من المواقيت المحددة وأمر المسلمين بالاقتداء به، حيث قال: “لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ”.
وتتنوع المواقيت بحسب الجهات: ميقات أهل المدينة هو ذو الحليفة ولأهل الشام ومصر الجحفة، ولأهل اليمن يلملم، ولأهل نجد قرن المنازل، كما ورد في حديث ابن عباس رضي الله عنه، أما من كان في مكة وأراد العمرة فيبدأ إحرامه من أدنى الحل، والأفضل أن يحرم من الجعرانة أو التنعيم، اقتداءً بالنبي ﷺ وأمره لعائشة رضي الله عنها.
- التجرد من المخيط للرجال
يشمل المخيط كل ما كان مفصلاً على قدر البدن أو عضو منه مثل القميص والسروال والعمامة، ويلزم المحرم بخلعها وارتداء إزار ورداء غير مخيطين، ويستحب أن يكونا أبيضين، وقد نهى النبي ﷺ المحرم عن لبس هذه الملابس أو الثياب الممسوسة بالزعفران أو الورس إلا في حالة عدم توفر النعلين فيجوز لبس الخفين بعد قصهما أسفل الكعبين.
- الحلق أو التقصير
عند التحلل يجب على المعتمر حلق رأسه أو تقصير شعره وهو من واجبات العمرة التي اتفق عليها جمهور الفقهاء استنادًا لقول الله تعالى: ﴿مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ﴾، والحلق أفضل من التقصير لكون النبي ﷺ دعا ثلاث مرات بالمغفرة للمحلقين، ثم دعا في الرابعة للمقصرين، كما ثبت في الأحاديث الصحيحة.
حكم من ترك واجباً من واجبات العمرة
من يترك أحد واجبات العمرة فعليه الفدية وفق ما جاءت به أحكام الشريعة، وتفصيل ذلك كالآتي:
- ترك الإحرام من الميقات
إذا عاد المسلم إلى الميقات وأحرم منه فلا تلزمه الفدية، أما إذا تجاوزه ثم أحرم بعده فعليه دم يوزع لحمه على فقراء الحرم، وفي حال عدم القدرة المالية يرى جمهور العلماء أن الواجب صيام عشرة أيام ثلاثة منها في الحج وسبعة عند الرجوع، قياسًا على فدية المتمتع.
- ترك الحلق أو التقصير
من لم يحلق أو يقصر فعليه القيام به حتى وإن عاد إلى بلده، ولا فدية عليه إلا إذا ارتكب محظورًا من محظورات الإحرام قبل الحلق أو التقصير فهنا يكون مخير بين ذبح شاة أو صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين.
وهناك قول آخر أن من تركه ناسياً أو جاهلاً فلا إثم عليه وتبقى عمرته صحيحة، لكن يجب الإتيان به ما لم يفت وقته فإن فات فعليه دم يذبحه ويوزعه على فقراء مكة.
- فدية لبس المخيط
إذا ارتدى المحرم المخيط لغير عذر مثل فقدان ملابس الإحرام فعليه فدية الأذى، ويخير بين صيام ثلاثة أيام أو ذبح شاة أو إطعام ستة مساكين.
ويظهر هذا التفصيل أن الالتزام بـ واجبات العمرة أمر أساسي لصحة النسك وتجنب الفدية مما يوجب على المسلم معرفتها بدقة قبل أداء العمرة.